إن وجود المجال المغناطيسي الأرضي ضروري جداً لاستمرار الحياة على الأرض، نظراً لأن خطوط المجال تعمل على حمايتنا من الإشعاعات الكونية. و إن هذا المجال يعمل بمثابة الدرع ضد الجسيمات المشحونة كهربائياً التي تقصف الأرض على مدار اليوم قادمة من الشمس أو من الفضاء كالبروتونات والإلكترونات وأنوية الهيليوم المتأنية والنترينو وغيرها. وتقوم هذه الدرع بإزاحة الجسيمات عن مسارها من خلال خطوط المجال المغناطيسي لإيصالها الى منطقة القطبين حيث تعمل على تأيين الجو هناك وتغطي الغلاف الجوي بظاهرة تعرف بالشفق القطبي.
ويؤكد العلماء أنه لولا نواة الأرض ومجالها المغناطيسي لما كان لهذه الدرع وجود ولتعرض الكوكب برمته لقصف متواصل من جسيمات كونية مختلفة وإشعاعات خطيرة كفيلة بإحداث طفرات جينية كبيرة علاوة على التسبب بقتل أعداد كثيرة من الكائنات الحية وخاصة الإنسان.
المثير في الأمر، أن عدداً من الأجهزة والآليات تتعرض هي الأخرى لتأثير المجال المغناطيسي، ففي أمريكا الجنوبية، يؤدي الانخفاض في شدة المجال إلى إحداث اضطرابات في الاتصالات مع الأقمار الاصطناعية التي توجد في سماء تلك المنطقة، ففي العام ،2001 تسببت تلك الاضطرابات في توقف أحد الأجهزة الموجودة على متن أحد الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة (ناسا) والمخصصة لمراقبة الأرض، وذلك على مدى 15 يوماً متتالياً، ولا شك أن الأضرار تتزايد عندما تضاف اليها نزوات الشمس المعروفة باضطراباتها الناتجة عن رياحها القوية التي تؤثر تأثيراً سيئاً في المجال المغناطيسي للأرض. ويطلق العلماء على هذه النزوات تعبير العواصف المغناطيسية. وتقوم هذا العواصف في العادة بإتلاف الأقمار الاصطناعية من خلال تعطيل الرقائق الالكترونية الموجودة في أجهزتها، الأمر الذي يؤدي الى تشويش الاتصالات الأرضية وربما إلى قطعها لفترات طويلة في بعض الأحيان. يذكر أنه في العام ،1989 غرقت منطقة الكويبك الكندية في ظلام دامس بعد تعرض شبكتها الكهربائية لعواصف مغناطيسية قادمة من الشمس.
وإزاء هذا الأمر يطرح العلماء التساؤلات التالية: هل علينا أن نخشى من انخفاض عام في شدة المجال المغناطيسي وبالتالي حدوث ضعف في مستوى الوقاية من الجسيمات الكونية؟ وهل سيؤدي التغيرفي المجال المغناطيسي الى تزايد العواصف المغناطيسية؟
الواقع أن عدداً من العلماء يعتقد جازماً أن عملية فهم المحرك الأساسي للمجال المغناطيسي كفيلة بالإجابة عن بعض من هذه التساؤلات.
انعكاس القطبين:
يرى بعض الباحثين أن المعطيات المتوفرة عن مغناطيسية العهود القديمة ربما تكون أحد الحلول المهمة لاستيضاح الكثير من الأمور المتعلقة بمسألة المجال المغناطيسي للأرض، إذ تشير هذه المعطيات إلى أن اتجاه المجال المغناطيسي في العهود المختلفة السابقة يمكن معرفته من خلال وضعية البلورات في الحمم المتجمدة. وتظهر التسجيلات الجيولوجية في الحقب السابقة أن المجال المغناطيسي بلغ أوج نشاطه منذ ألفي عام ولم يتوقف منذ تلك الفترة عن التناقص. ويؤكد العلماء، أنه لو استمر الحال على ما هو عليه، فإن شدة هذا المجال ستبلغ مرحلة الانعدام أو التلاشي الى أن ينعكس اتجاهه، بمعنى أن القطبين الشمالي والجنوبي سيتبادلان الأمكنة خلال الألفي سنة المقبلتين. وتتوافق هذه المعطيات مع الدراسة التي يقوم بها الباحث برادفورد كليمون من جامعة فلوريدا الدولية، حيث أظهرت الدراسة من خلال تفحص الصخور الرسوبية، أن المجال المغناطيسي تأرجح (انقلب) بمقدار 4 مرات خلال 7000 سنة، وقد حدث آخر انقلاب قبل 780 ألف سنة.
ويقول الباحثون إنه اذا كان ثمة انقلاب جديد في القطبين المغناطيسيين، فإن التغيرات الناتجة عنه لن تظهر قبل فترة تمتد الى مئات السنين المقبلة، إلا أن تأثير ذلك في الأقمار الاصطناعية سيكون واضحاً على المدى القريب. إذ يقول العلماء إن المجال المغناطيسي يتحرك بسرعة متوسطة تبلغ 10 كيلومترات سنوياً، ويضرب هؤلاء مثالاً عن اتجاه هذا المجال في باريس، فالاتجاه الذي تشير إليه البوصلات تحرك بمقدار 30 درجة خلال 4 قرون، ما يعني أن القطب الشمالي المغناطيسي قد تحرك عن موضعه. ويرى الباحث مارك مونيرو المدير المساعد لمختبر الديناميكا الأرضية والكوكبية في تولوز، أن نتيجة هذا الأمر تنسحب على أي منطقة خاضعة لحماية شديدة ضد تأثير المجال المغناطيسي، حيث يمكن لهذه المنطقة أن تفقد جزءاً كبيراً من نظام الحماية السابق، ومن هذا المنطلق يعتبر تطور المجال المغناطيسي الشغل الشاغل للصناعة الفضائية على المدى القصير.
يعتقد العلماء أن انخفاض شدة المجال المغناطيسي للأرض على المدى البعيد له تأثيرات سيئة في تطور الحياة الحيوانية، فعندما ينعكس اتجاه هذا المجال، فإن الوقاية من الجسيمات المشحونة القادمة من خارج الأرض، تصبح ضعيفة، وبالتالي فإن احتمالية ظهور طفرات جينية عند الحيوانات وحتى الإنسان تصبح محتملة جداً، على حد قول الباحثة آني سوريو من مرصد ميدي بيرينه في فرنسا. من جهته يرى الباحث فاتسون كورتيلو من معهد فيزياء الأرض في باريس أن العلماء لم يتوصلوا حتى الآن الى إيجاد علاقة واضحة بين البيولوجيا (علم الأحياء) والمغناطيسية، لأن المجال المغناطيسي يتغير بسرعة بالنسبة لعملية التطور، فعلى مدى 3 ملايين سنة حدث تغير في اتجاه المجال المغناطيسي للأرض بمعدل 3 مرات، ولذا فإن معرفة تأثيره في الطفرات ستكون غاية في الصعوبة.
ويعتقد كورتيلو أنه حتى ولو حدث انعكاس في اتجاه المجال المغناطيسي، فإنه لن ينعدم كلياً نظراً لتأثير المجالات المغناطيسية المحلية الموجودة في حياتنا. ومن هنا يخلص الباحث كورتيلو الى نتيجة مفادها أن الدرع الواقية المتمثلة في المجال المغناطيسي لن تختفي كلياً على الإطلاق، وسيبقى هذا المجال يؤثر في حياة الكائنات ما بقيت الأرض ونواتها على قيد الحياة.
ويؤكد العلماء أنه لولا نواة الأرض ومجالها المغناطيسي لما كان لهذه الدرع وجود ولتعرض الكوكب برمته لقصف متواصل من جسيمات كونية مختلفة وإشعاعات خطيرة كفيلة بإحداث طفرات جينية كبيرة علاوة على التسبب بقتل أعداد كثيرة من الكائنات الحية وخاصة الإنسان.
المثير في الأمر، أن عدداً من الأجهزة والآليات تتعرض هي الأخرى لتأثير المجال المغناطيسي، ففي أمريكا الجنوبية، يؤدي الانخفاض في شدة المجال إلى إحداث اضطرابات في الاتصالات مع الأقمار الاصطناعية التي توجد في سماء تلك المنطقة، ففي العام ،2001 تسببت تلك الاضطرابات في توقف أحد الأجهزة الموجودة على متن أحد الأقمار الاصطناعية التابعة لوكالة (ناسا) والمخصصة لمراقبة الأرض، وذلك على مدى 15 يوماً متتالياً، ولا شك أن الأضرار تتزايد عندما تضاف اليها نزوات الشمس المعروفة باضطراباتها الناتجة عن رياحها القوية التي تؤثر تأثيراً سيئاً في المجال المغناطيسي للأرض. ويطلق العلماء على هذه النزوات تعبير العواصف المغناطيسية. وتقوم هذا العواصف في العادة بإتلاف الأقمار الاصطناعية من خلال تعطيل الرقائق الالكترونية الموجودة في أجهزتها، الأمر الذي يؤدي الى تشويش الاتصالات الأرضية وربما إلى قطعها لفترات طويلة في بعض الأحيان. يذكر أنه في العام ،1989 غرقت منطقة الكويبك الكندية في ظلام دامس بعد تعرض شبكتها الكهربائية لعواصف مغناطيسية قادمة من الشمس.
وإزاء هذا الأمر يطرح العلماء التساؤلات التالية: هل علينا أن نخشى من انخفاض عام في شدة المجال المغناطيسي وبالتالي حدوث ضعف في مستوى الوقاية من الجسيمات الكونية؟ وهل سيؤدي التغيرفي المجال المغناطيسي الى تزايد العواصف المغناطيسية؟
الواقع أن عدداً من العلماء يعتقد جازماً أن عملية فهم المحرك الأساسي للمجال المغناطيسي كفيلة بالإجابة عن بعض من هذه التساؤلات.
انعكاس القطبين:
يرى بعض الباحثين أن المعطيات المتوفرة عن مغناطيسية العهود القديمة ربما تكون أحد الحلول المهمة لاستيضاح الكثير من الأمور المتعلقة بمسألة المجال المغناطيسي للأرض، إذ تشير هذه المعطيات إلى أن اتجاه المجال المغناطيسي في العهود المختلفة السابقة يمكن معرفته من خلال وضعية البلورات في الحمم المتجمدة. وتظهر التسجيلات الجيولوجية في الحقب السابقة أن المجال المغناطيسي بلغ أوج نشاطه منذ ألفي عام ولم يتوقف منذ تلك الفترة عن التناقص. ويؤكد العلماء، أنه لو استمر الحال على ما هو عليه، فإن شدة هذا المجال ستبلغ مرحلة الانعدام أو التلاشي الى أن ينعكس اتجاهه، بمعنى أن القطبين الشمالي والجنوبي سيتبادلان الأمكنة خلال الألفي سنة المقبلتين. وتتوافق هذه المعطيات مع الدراسة التي يقوم بها الباحث برادفورد كليمون من جامعة فلوريدا الدولية، حيث أظهرت الدراسة من خلال تفحص الصخور الرسوبية، أن المجال المغناطيسي تأرجح (انقلب) بمقدار 4 مرات خلال 7000 سنة، وقد حدث آخر انقلاب قبل 780 ألف سنة.
ويقول الباحثون إنه اذا كان ثمة انقلاب جديد في القطبين المغناطيسيين، فإن التغيرات الناتجة عنه لن تظهر قبل فترة تمتد الى مئات السنين المقبلة، إلا أن تأثير ذلك في الأقمار الاصطناعية سيكون واضحاً على المدى القريب. إذ يقول العلماء إن المجال المغناطيسي يتحرك بسرعة متوسطة تبلغ 10 كيلومترات سنوياً، ويضرب هؤلاء مثالاً عن اتجاه هذا المجال في باريس، فالاتجاه الذي تشير إليه البوصلات تحرك بمقدار 30 درجة خلال 4 قرون، ما يعني أن القطب الشمالي المغناطيسي قد تحرك عن موضعه. ويرى الباحث مارك مونيرو المدير المساعد لمختبر الديناميكا الأرضية والكوكبية في تولوز، أن نتيجة هذا الأمر تنسحب على أي منطقة خاضعة لحماية شديدة ضد تأثير المجال المغناطيسي، حيث يمكن لهذه المنطقة أن تفقد جزءاً كبيراً من نظام الحماية السابق، ومن هذا المنطلق يعتبر تطور المجال المغناطيسي الشغل الشاغل للصناعة الفضائية على المدى القصير.
يعتقد العلماء أن انخفاض شدة المجال المغناطيسي للأرض على المدى البعيد له تأثيرات سيئة في تطور الحياة الحيوانية، فعندما ينعكس اتجاه هذا المجال، فإن الوقاية من الجسيمات المشحونة القادمة من خارج الأرض، تصبح ضعيفة، وبالتالي فإن احتمالية ظهور طفرات جينية عند الحيوانات وحتى الإنسان تصبح محتملة جداً، على حد قول الباحثة آني سوريو من مرصد ميدي بيرينه في فرنسا. من جهته يرى الباحث فاتسون كورتيلو من معهد فيزياء الأرض في باريس أن العلماء لم يتوصلوا حتى الآن الى إيجاد علاقة واضحة بين البيولوجيا (علم الأحياء) والمغناطيسية، لأن المجال المغناطيسي يتغير بسرعة بالنسبة لعملية التطور، فعلى مدى 3 ملايين سنة حدث تغير في اتجاه المجال المغناطيسي للأرض بمعدل 3 مرات، ولذا فإن معرفة تأثيره في الطفرات ستكون غاية في الصعوبة.
ويعتقد كورتيلو أنه حتى ولو حدث انعكاس في اتجاه المجال المغناطيسي، فإنه لن ينعدم كلياً نظراً لتأثير المجالات المغناطيسية المحلية الموجودة في حياتنا. ومن هنا يخلص الباحث كورتيلو الى نتيجة مفادها أن الدرع الواقية المتمثلة في المجال المغناطيسي لن تختفي كلياً على الإطلاق، وسيبقى هذا المجال يؤثر في حياة الكائنات ما بقيت الأرض ونواتها على قيد الحياة.