المغناطيسية الآثارية وتطبيقاتها في علم الآثار
منذ ظهور علم الآثار بشكل مستقل وهو يسعى للكشف عما في باطن الأرض من آثار عن طريق عمليات الحفر التي يقوم بها العلماء بين الحين والآخر في المواقع الأثرية.
[color=#000000][color:c22d=#000000:c22d]وفي كل مرة كان لا بد من القيام بحفريات وإزالة طبقات من التراب والأحجار كشفاً عما تخفيه الأرض من كنوز. وكان التوصل إلى تقنية تمكن علماء الآثار من التعرف على ما يخفيه باطن الأرض قبل القيام بعمليات الحفر حلماً يراود الأثريين، ذلك الحلم الذي يوفر حال تحققه الكثير من الوقت والجهد والمال الذي كان يستنفد في القيام بحفريات على نطاق واسع لا تسفر إلا عن النزر اليسير من الاكتشافات القيمة، وفي كثير من الأحيان لم تكن تسفر عن شيء.
[size=16]سنورد فيما يلي طريقة المغناطيسية الآثارية التي استخدمت في العقود الثلاثة الماضية للتنقيب عن الآثار المطمورة مثل الأبنية والجدران والآنية الفخارية والآجر والقرميد والمواقد والممرات والمدافن والتماثيل ومستوطنات الإنسان القديم والآثار الغارقة في الماء مثل السفن والمدافع والآنية الفخارية وقطعها حيث أمكن التوصل إلى نتائج هامة جداً في حالات كثيرة .
[size=16]يقوم مبدأ الطريقة على حقيقة أن الصخور والمواد الآثارية الحاوية على معادن مغناطيسية مثل الحديد تكتسب مغناطيسية متحرضة بوجود الحقل المغناطيسي الحالي الأرضي وتتناسب شدتها مع شدة هذا الحقل ومع كمية المواد المغناطيسية الموجودة بها,ويساير اتجاه هذه المغناطيسية,اتجاه الحقل.يتم في هذه الطريقة قياس التأثير المغناطيسي لأجسام المغناطيسية التي تشكل جزءاً من الموقع الأثري وتستخدم في القياس مقاييس مغناطيسية حساسة جداً وهي على نوعين منها المقاييس الحقلية التي تستخدم في قياس شدة المغناطيسية فوق الأماكن المطمورة ومنها المقاييس المخبرية التي تقيس شدة المغناطيسية للعينات المخبرية الصغيرة ويحسب منها اتجاه وميل المغناطيسية التي تحملها العينة.
[size=16]تطبيقات المغناطيسية الآثارية:
[size=16]1. تحديد الأماكن الآثارية المطمورة:يمكن تحديد موقع أثري من قياس شدة المغناطيسية فوق الموقع الأثري ودراسة المنحنى المغناطيسي المرسوم فوقه,يمكن باستخدام هذه الطريقة من رسم مخطط تقريبي مبني من مواد مغناطيسية ( طوب, بازلت , آجر ) ومطمور تحت غطاء من التربة قد يبلغ عدة أمتار سماكة.
[size=16]2. إعادة بناء القطع الفخارية:يمكن إعادة بناء الآنية الفخارية المكسورة بناء على دراسة اتجاه المغناطيسية المسجلة في شظايا الآنية فتوضع الشظايا بحيث يكون اتجاه المغناطيسية موحداً.
[size=16]3. كشف تزييف النقود والقطع الفخارية: تمكن مقارنة اتجاه المغنطيسية التي تكتسبها النقود (خاصة الفضية أو البرونزية) عند صكها من كشف النقود المزيفة التي صكت في فترة زمنية لاحقة نظرا لتغير اتجاه وميل المغنطيسية الأرضية مع الزمن. كما أن مقارنة ميل المغنطيسية في آلية فخارية تسمح بتمييز الآنية الفخارية التي منحت في أوقات متباينة مما يسمح بكشف الآنية الفخارية المزيفة عن الآنية الأصلية التي تميز عصرا ما، ولها قيمة أثرية كبيرة .
[size=16]4. تاريخ الأبنية: لقد أمكن تأريخ بعض الأبنية التي وجهت جدرانها حسب الاتجاهات الأربعة بعد تحديد الشمال المغنطيسي بواسطة البوصلة. يمكن من مقارنة الاتجاه الحالي لهذه الجدران مع منحنى تغير اتجاه المغنطيسية الأرضية من تقدير عمر هذه الأبنية. وقد طبقت هذه الطريقة على بعض الأبنية الرومانية في الدانمرك والتي كانت قد وجهت حسب الاتجاهات الأربعة عند بنائها وتختلف حاليا عن هذه الاتجاهات نظرا لتغيير اتجاه الحقل المغناطيسي الأرضي منذ ذلك الوقت.
[size=16]5. تقدير درجة حرارة التسخين: يمكن تقدير الدرجة التي وصلت إليها حرارة فرن شوي القرميد أو أتون نار قديم من تسخين القرميد ثم تبريده بوسط لامغناطيسي ثم قياس شدة مغناطيسيته وتكون درجة الحرارة القادرة على إزالة مغنطيسية القرميد هي الدرجة العليا التي وصلت إليها حرارة الفرن إذ أن تسخين جسم مغنطيسي ثم تبريده في وسط لامغناطيسي يؤدي إلى نقصان شدة مغنطيسيته إلى أن يصل إلى درجة حرارة تزيل كل مغنطيسية الجسم وتكون هذه الدرجة هي درجة الحرارة التي وصل إليها الجسم عند تسخينه.
[size=16]6. تحديد مصدر المواد الآثارية وبالتالي تحديد طرق التجارة وانتقال الإنسان القديم: لقد استخدم الإنسان القديم الاوبسيديان (الزجاج البركاني) والصوان لصنع الأسلحة وأدوات الصيد ونظرا لاختلاف أنواع الأوبسيديان من مصدر لآخر تختلف خواصه المغناطيسية حسب المصدر، لذا تمكن دراسة الخواص المغنطيسية لقطع من الأوبسيديان الموجودة في موقع أثري ومقارنة هذه الخواص مع خواص الاوبسيديان معروف المصدر من معرفة الموقع الذي أحضر منه الإنسان القديم هذا الاوبسيديان وبالتالي من معرفة المواقع التي مر بها الإنسان القديم.
[size=16]7. تأريخ المواقع الأثرية: لقد درست المغناطيسية للعديد من المواقع الأثرية للرسوبيات البحرية وغيرها مما ساعد على بناء منحنيات تغير شدة الحقل المغناطيسي الأرضي وميله وانحرافه مع الزمن. في الختام نقول إن طريقة المغناطيسية الآثارية هي طريقة سهلة وسريعة وقليلة التكاليف ونتائجها على درجة عالية من الدقة، إذ يمكن استخدامها لتحديد المواقع الأثرية القديمة ثم تقدير عمر بناء هذه المواقع والأدوات المختلفة الموجودة في الموقع ثم دراسة النشاط الإنساني الذي ساد في الموقع مثل تحركات الإنسان الذي قطن الموقع ودرجات الحرارة التي استخدمها في صناعاته مما يعطي فكرة عن أنواع الوقود التي استخدمها في هذه المواقع
[/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size][/size]